-->

المواكب

النص الشعري "المواكب" لجبران خليل جبران

الـخـيرُ فــي الـناسِ مـصنوعٌ إذا جُـبروا    ...    والـشرُّ فـي الـناسِ لا يـفنى وإِن قُبروا
وأكــــثـــرُ  الــــنـــاس آلاتٌ تــحــركـهـا    ...    أصــابــعُ الــدّهـر يــومـاً ثـــم تـنـكـسرُ
فــــلا  تــقـولـنَّ هــــذا عَــالِــم عــلــمٌ    ...    ولا  تــقــولــنَّ ذاكَ الــســيّــد الـــوَقُــرُ
فـأفـضـلُ الـنـاس قـطـعانٌ يـسـيرُ بـهـا    ...    صــوت الـرعـاةِ ومــن لـم يـمشِ يـندثرُ
ومــــا الـحـيـاةُ ســـوى نـــومٍ تـــراوده    ...    أحـــلام  مـــن بــمـرادِ الـنـفس يـأتـمرُ
والشرُّ في النفس حزنُ النفس يسترهُ    ...    فـــــإِن  تـــولــىَّ فــبـالأفـراحِ يـسـتـتـرُ
والـسرُّ في العيشِ رغدُ العيشِ يحجبهُ    ...    فــــإِن  أُزيـــل تــوَّلـى حـجـبـهُ الــكـدرُ
ومـا الـسعادة فـي الـدنيا سوى شبحٍ    ...    يُـرجـى فـإن صـارَ جـسماً مـلهُ الـبشرُ
كـالـنهر يـركـض نـحو الـسهل مـكتدحاً    ...    حــتــى  إذا جــــاءَهُ يــبـطـي ويـعـتـكرُ
لــم يـسـعد الـناسُ إلا فـي تـشوُّقهمْ    ...    إلــى  الـمـنيع فــإن صــاروا بــهِ فـتـروا
فـــإن لـقـيـتَ سـعـيداً وهــو مـنـصرفٌ    ...    عــن الـمـنيع فـقـل فــي خُـلقهِ الـعبرُ

جبران خليل جبران “المواكب” منشورات عالم الشباب . ط 1 – ص 9 . بيروت 2000

المواكب

* التعريف بالشاعر: [جبران خليل جيران]

 مراحل من حياته:

- ولد في بلدة بشري شمال لبنان سنة 1883 من أسرة صغيرة فقيرة
- هاجر وهو صغير مع أمه وإخوته إلى أمريكا سنة 1895
- ظهرت مواهب جبران الأولى في مجال الرسم عندما التحق بمدرسة الفنون ، حيث لاقت رسوماته إعجاب مدرسيه.
- عاد إلى لبنان في الخامسة عشرة من عمره لمتابعة دراسته وخاصة في اللغة العربية
- عاد إلى أمريكا من جديد بعد أن وصلته أخبار بمرض أسرته..
- بدأ جبران بنشر كتاباته العربية في الصحف أولا ثم يجمعها بعد ذلك ويصدرها بشكل كتب ، ويتدرب في الوقت نفسه على الكتابة بالإنكليزية.
- أسس جبران خليل جبران الرابطة القلمية مع كل من إيليا أبي ماضي ، وميخائيل نعيمة ، ونسيب عريضة ، وآخرين.. بهدف النهوض بالأدب العربي وإخراجه من ركوده وانحطاطه.
-بقي جبران خليل جبران وفيا للرابطة القلمية إلى حين وفاته سنة 1931

أعماله:

بالعربية:
- لأرواح المتمردة 1908 - الأجنحة المتكسرة 1912
- دمعة وابتسامة 1914 - المواكب 1918
* بالإنجليزية:
-المجنون 1918 - السابق 1920 - النبي 1923
- رمل وزبد 1926 - يسوع ابن الإنسان 1928
- آلهة الأرض 1931 - التائه 1932 - حديقة النبي 1933

أولاً: ملاحظة النص واستكشافه:

1- العنوان: عنوان مفرد من حيث عدده وجمع من حيث صيغته.
- المواكب: مفردها موكب وهو الجماعة من الناس يسيرون ركباناً أو مشاة في زينة واحتفال.
- لم يتكرر العنوان في النص ولكننا نجد ألفاظا أخرى بصيغة الجمع (الناس - آلات - قطعان - الرعاة)
2- خلفية النص: كُتبت القصيدة على خلفية رسالة قديمة مما يدل على أن الشاعر يوجه رسالة إلى مواكب الناس.
3- نوعية النص: قصيدة شعرية عمودية ذات بعد اجتماعي  

ثانياً: فهم النص:

1- الإيضاح اللغوي:

تولى: لها معنيان : - معنى : ذهب ومضى وانصرف (في البيت 6) – ومعنى : تكفل ( في البيت 7) 
رغد العيش: طيب العيش ورفاهيته 
- مكتدحا: متعبا وباذلا جهدا 
فتروا: ملوا وسئموا

2- الفكرة المحورية:

التأمل في واقع الناس وحقيقة الحياة ومعنى السعادة

ثالثاً: تحليل النص:

1- رؤية الشاعر:

 رؤيته للناس
 رؤيته للحياة
 رؤيته للسعادة
[البيت:1 إلى البيت: 4]
الإنسان شرير بطبعه ، لا يفعل الخير إلا إذا أجبر على فعله والموت هو المصير الحتمي لكل الناس.
  [البيت : 5 إلى البيت : 7]
 الحياة كالحلم مليئة بالغموض والأسرار التي تظل مجهولة في كل الأحوال (في لحظات الحزن والكدر وأيضا في لحظات الفرح ورغد العيش).
 [البيت: 8 إلى البيت: 11]
السعادة شبح أو وهم يلهث الناس وراءه وعندما يحصلون عليها يملون منها بسرعة.. لذلك فالسعادة الحقيقية في نظر الشاعر تكون قبل تحقيقها أي في لحظة الشوق إليها، وخاصة الشوق إلى الأمور الصعبة والمستحيلة.

2- الحقول الدلالية:

 الألفاظ الدالة على التفاؤل
 الألفاظ الدالة على التشاؤم
 الخير – أحلام – الأفراح – رغد العيش – السعادة - سعيدا  الشر – تنكسر –  يندثر- حزن – يستتر - يحجبه – الكدر- شبح – مله – مكتدحا – يبطي – يعتكر – فتروا – منصرف

*** الدلالة : نستنتج من الحقلين السابقين ما يلي:
   - هيمنة الألفاظ الدالة على التشاؤم يدل على النزعة التشاؤمية للشاعر تجاه الحياة وهذا ينسجم مع أفكار المدرسة الرومانسية التي ينتمي إليها الشاعر
   - هناك تقابل في الألفاظ بين الحقلين (الخير ≠ الشر    -    الأفراح ≠ حزن       -    رغد العيش ≠ الكدر  )  وهذا يدل على أن الشاعر يرى الحياة مليئة بالمتناقضات.

رابعاً: الخصائص الفنية:

1- التشبيه : 

    - كالنهر يركض نحو السهل مكتدحا                حتى  إذا  جاءه  يبطي  و  يعتكر
    - وأكثر   الناس     آلات     تحركها               أصابع   الدهر  يوما   ثم    تنكسر

 المشبه
 المشبه به
 الأداة
 وجه الشبه
 - السعادة  - النهر  الكاف  - الإسراع نحو الهدف رغم العراقيل والصعاب ثم الوقوف والركود بعد ذلك.
 - الناس  - آلات  (تشبيه بليغ حذفت منه الأداة)  - الانكسار وفقدان الصلاحية

2- الاستعارة : 

   - كالنهر يركض نحو السهل مكتدحا                حتى  إذا   جاءه   يبطي  و  يعتكر

 اللفظ المستعمل في غير ما وضع له
 المشبه
 المشبه به
 توضيح الاستعارة
 يركض
 النهر
 Ø
 شبه النهر بالإنسان لجامع السير و التحرك و الاتجاه في كل ، فحذف المشبه به  (الإنسان)  و أبقي على لازم من لوازمه وهو الركض الذي استعاره الشاعر من الإنسان ليؤدي به المعنى الذي أراده في البيت السابق.

3- الطباق : 

   - الخير في الناس مصنوع إذا  جبروا                      والشر في الناس لا يفنى وإن قبروا
   - والسر في النفس حزن النفس يستره                      فإن     تولى      فبالأفراح    يستتر
****  وظيفة الطباق  هي الحجاج والإقناع  من خلال رصد المقارنات والمفارقات واستنتاج التناقض الذي يراه الشاعر سمة في الحياة.

4- التكرار :  

 تكررت ألفاظ كثيرة منها :   الناس – تقولن – النفس – المنيع … وغيرها  ، ووظيفة التكرار هي التأكيد وتثبيت المعنى وترسيخه