-->

نوعية النص أو الخريطة التي تجنبنا خطر الضياع في متاهة النص

         جربت أن أجري.. أن أقفز.. أن أطير إذا أمكن..لا جدوى..كل الطرق كانت مقفلة..وكان الضباب يملأ جنباتها ، ويملأ قلبي أيضا..إنني إنسان بلا قيمة بلا أي حب.. هكذا أنا.. أرفض الاعتراف بكل واقع.. فأنا الكائن الوحيد.. أنا فقط ثم لا شيء…

         لا شك أنكم تتذكرون مصدر هذا النص..

         إنه من المقرر القديم لمادة اللغة العربية ضمن كتاب المطالعة للسنة الثامنة من التعليم الأساسي بعنوان “ لمع مصباح من بعيد” لكاتبه المغربي عبد الجبار السحيمي..وها أنذا أنقل لكم مقتطفا منه ، ليس من كتاب المطالعة ، ولكن من ذاكرتي التي ما زالت تحتفظ ببعض المقاطع من مقرر قضيت معه أحلى لحظات طفولتي ، وشاءت الأقدار أن أستهل به السنوات الأولى من مسيرتي المهنية..ولعل هذا هو السبب في احتفاظ ذاكرتي به إلى الآن.

       إن الذي دفعني إلى  هذا الاسترجاع ، ليس الحنين إلى زمن مضى..ولكن الرغبة في الوقوف عند نوعية هذا النص ومن خلالها إبراز ما لتحديد النوعية من دور كبير في القراءة الجيدة للنص القرائي.

      ولنفرض أن تلميذا صنف هذا النص ضمن خانة النصوص المقالية..ألن يؤدي ذلك إلى خطإ في القراءة وصعوبة في التحليل؟!.. فكل خطإ في تحديد النوعية يترتب عنه خلل في تلقي النص.. وقد يدفعه هذا الخطأ إلى التركيز، في مرحلة التحليل ، على الأفكار الأساسية وإغفال مقومات الخاطرة (وهي النوعية الصحيحة لهذا النص) المتمثلة في السرد والوصف ... لذا وجب الحذر من التسرع في التصنيف وصار ضروريا التمرس على تحديد أنواع النصوص القرائية بدقة.

 * أنواع النصوص القرائية وخصائصها :

يلخص الجدول التالي أنواع النصوص والمؤشرات الدالة على كل نوع في النصوص القرائية :

أنواع النصوص

خصائصها / (المؤشرات الدالة عليها)

- النصوص السردية – هيمنة الجمل الفعلية
- حضور الشخصيات والزمان والمكان والأحداث
- النصوص الوصفية - هيمنة الجمل الاسمية
- حضور الموصوف الرئيسي والموصوفات الفرعية
- النصوص التفسيرية - حضور الأسباب والنتائج  /  تقديم أمثلة للتوضيح / تصنيف العناصر إلى أقسام أو أنواع / التعريف بالمفاهيم والمصطلحات
- عبارات دالة على التفسير ( لأن… – أي… – حيث….) + نقطتي التفسير
- النصوص الحجاجية - حضور الفكرة المرفوضة والفكرة المقترحة / المقبولة
- براهين وحجج وأدلة
- النصوص الحوارية - التناوب في الحوار بين الشخصيات
- الإشارات المشهدية أو الديداسكاليات (didascalies)

* وظيفة نوعية النص :

         تحديد نوعية النص القرائي ، إذا ، له دور كبير في توقع معناه ورسم ملامحه في افق تحقيق قراءة صحيحة تتسم بقدر كبير من التنظيم والتخطيط والضبط الجيد لخطوات التحليل التي ستأتي فيما بعد..وتوخي الدقة في تحديد نوعية النص يجنبنا الوقوع في مزالق القراءة الخاطئة والتحليل العشوائي لعناصر النص.

        وإذا كان العنوان بوصلة للنص ، كما رأينا في مدونة سابقة ، فإن النوعية خريطة للنص عليها نضع بوصلة العنوان فنشغل الإثنين معا لضمان السير الآمن المطمئن بين دروب النص ، وتجنب الضياع في متاهاته.

         وعموما ، يمكن حصر وظائف نوعية النص في وظيفتين رئيسيتين :

- تدعيم العنوان وتأكيد توقعاته وإيحاءاته

- المساعدة على التخطيط الجيد لمرحلة التحليل (1)

* أخطاء يجب تفاديها عند تحديد نوعية النص :

          من الأخطاء الشائعة في تحديد نوعية النص  أن يتم الجمع بين النوعية والفكرة العامة للنص ، أو بين النوعية ومصدر النص أوصاحبه..

           وفي مايلي نماذج من هذه النوعيات الخاطئة :

- مقالة تفسيرية يبرز فيها الكاتب مكانة المرأة في المجتمع

- قصة قصيرة تتحدث عن أهمية التضحية بالنفس في سبيل الوطن

- مقالة مقتطفة من مجلة العربي

- قصيدة شعرية لمحمد درويش

------------------------------------------------------------------------------------------------

(1) سيتم تخصيص تدوينة لاحقة للحديث عن طريقة تحليل النصوص القرائية بمختلف أنواعها