-->

الطريق

- ((إذا لم يكن لنا عمل اليوم ، فليس هذا معناه أنه لن يكون لنا عمل.
- لكن أيامنا تضيع في الانتظار..
- إننا نستفيد من ذلك..إننا نذخر مجهوداتنا لنواجه أي عمل..
- ولكن ، أين هو؟
- إن عضلاتنا لم تخلق عبثا ، إنها ستجد لها عملا ، كن متفائلا)).
حوار مثل هذا كثيرا ما تردد على ألسنة هؤلاء العمال ، غير أنه كان يشتد ويتشعب في المساء ، وهم ينتظرون صديقهم ليحمل لهم أنباء عن العمل.
الطريقعاد صديقهم هذه المرة ، والبشر يعلو محياه ، مما دفعهم إلى أن يشرئبوا بأعناقهم إلى ما سيقوله…وابتسم الصديق وهو  يزف إليهم الخبر : ((لقد وجدت لكم عملا)) ، فالتفت أحدهم إلى آخر يقول له : ((لقد كنت متيقنا من أننا سنعمل…)) ، فأسكته رفيقه وهو يقول : ((لنهتم الآن بالعمل…)) ، واتجه نحو الصديق يسأله : ((هل سنعمل كلنا أم سيعمل بعضنا فقط؟)) ، فأجابه الصديق : ((كلكم ، بل سنحتاج إلى آخرين إذا ما تهاونتم بعض الشيء…)) . وخيم عليهم صمت طويل مما جعل صديقهم يقول : ((إنكم لم تسألوني عن نوع العمل..)) ، فقال احدهم : ((أي عمل ، مهما كان نوعه…)) ، فقال الصديق :  ((ولكن الأمر يتطلب شيئا من التروي… هيا اقتربوا جميعا..إن عملنا سيكون شاقا وسنحتاج إلى تضافر الجهود ، أكثر من اي وقت آخر)) . إنه يحتاج إلى حزم… وإلى صبر… إنه ليس من قبيل الأعمال التي كنتم تقومون بها… إنه من نوع جديد ، لم يسبق لكم أن زاولتموه…)) ، فاعترضه أحدهم بقوله : (( اختصر قليلا ، وهات ما عندك..)) ، فقال الصديق وهو يحدق في عينيه : ((إنه فتح طريق جديدة تمتد نحو المدينة))..
تبادل العمال النظرات فيما بينهم ، ثم التفتوا نحو أحدهم وهو يقول : ((من أين تبتدئ الطريق؟)) ، فقال الصديق : ((من قريتنا…)) ثم أردف : ((ولقد اقترحوا أن يتم ذلك في زمن محدد… ومن الممكن أن نشرع في العمل من الغد إذا شئتم…)).
وسعل هشام قبل أن يقول : ((في رأيي يلزم ألا نتسرع ، فنحن إذا أقمناك مقاولا ، فليس هذا يعني أن تفرض علينا آراءك…لقد استمعنا إليك ، لكن يلزم أن نبحث الإمكانات ونوع العمل…)) ، فأجابه الصديق : ((لست أرى العكس ، هيا تفضل…)) ، فقال هشام : ((لنبدأ ، أولا ، بنوع العمل…هذه الطريق ستكون من القرية إلى المدينة…أتفهم ما أعني؟)) ، فقال الصديق : ((نعم..أتقصد التل؟ فقال هشام : الجبل نعم..ولكن يظهر أنك لم تدخله في نطاق تفكيرك ، قبل أن تقول لنا : ((لنشرع في العمل من الغد..)) ، فقال الصديق : ((بلى ، ولكن لا بأس من أن نأخذ رأي الجميع…)).
محمد ابراهيم بوعلو . الفارس والحصان – مجموعة أقاصيص . دار النشر المغربية – ص ص : 135 – 140 (بتصرف)

* ملاحظة النص واستكشافه :
1- العنوان : عنوان مفرد يتكون من كلمة واحدة تدل على مؤشر مكاني بمعنى المسلك أو السبيل أو النهج
2- بداية النص : يبتدئ النص بالحوار مما يعطي انطباعا أوليا بأنا أمام نص حواري  ربما مسرحي ، غير أننا لا نلاحظ أسماء الشخصيات التي تتبادل الحوار ، ولا نجد كلام الراوي ، ولا الديداسكليات التي تميز عادة النصوص الحوارية / المسرحية مما يجعلنا نغير فرضيتنا ونعتبر هذا الحوار حوارا سرديا  يشكل جزء من النص السردي. نلاحظ أيضا أن بداية النص تتضمن كلمة ((عمل)) التي تنتمي إلى المجال الاقتصادي
3- نهاية النص : تتضمن ألفاظا وعبارات تدل على العمل بجهد وحماس وتفاؤل..ولعل الاكثر دلالة على ذلك هي ((كان كل واحد منهم كأنه بركان))
4- نوع النص : نص سردي ذو بعد اقتصادي

* فهم النص :
1- الإيضاح اللغوي :
- التروي : التأني وعدم التسرع
- البشر : الفرح والسرور
- تضافر الجهود : اتحادها واجتماعها وتعاونها
2- الحدث الرئيسي :
شغف العمال بعملهم وانكبابهم عليه بقوة وحماس رغم العراقيل التي واجهتهم.

* تحليل النص :
1- أحداث النص :
أ- حوار بين الأصدقاء العمال وتعبيرهم عن رغبتهم القوية في العمل بتفؤل وحماس
ب- رجوع أحد أصدقائهم حيث بشرهم بإيجاد عمل لهم وهو شق طريق بين القرية والمدينة
ج- تردد هشام في قبول هذا العمل بسبب التل الذي سيعيق عملهم
د- تحمس الأصدقاء الآخرون للعمل رغم صعوبته
هٍـ- شروعهم في العمل بقوة وحماس وتفاؤل.
2- الشخصيات والأمكنة والازمنة :
الشخصيات
الأمكنة
الأزمنة
العمال – الصديق – هشام - الطريق – القرية – المدينة – التل - الجبل المساء – الصباح
3- العامل المساعد والعامل المعرقل للشخصيات :
العامل المساعد
العامل المعرقل
الحماس – القوة – التفاؤل – الإرادة القوية – التعاون ندرة العمل – التل / الجبل

* مقصدية النص :
الإرادة القوية تتفوق على كل التحديات والصعوبات التي تعرقل طريق النجاح في العمل.