إنجاز متميز في مهارة تخيل حكاية عجيبة (4)
لكن حكاية الفرسيوي لم تنته هنا، بل يمكن أن نقول إنها بدأت لتوها. في طريق عودة الفرسيوي من حلمه الضائع في أن يجد ملاذا آخر، غربت الشمس والتحف الفرسيوي والأطفال الأرض مرتمين فوق بعضهم البعض كأنهم جثث هامدة من شدة التعب لكن الفرسيوي لم يستطع النوم.. كيف ينام والهموم تحيط به من كل جانب!. مستقبل ضائع ومصير مجهول!.
وضع رأسه على صخرة ليرتاح من مسيرة يوم كامل، ماإن فعل ذلك حتى كاد قلبه يخرج من مكانه.. سمع صرخة لم يسمع مثلها في حياته. والغريب أن الأولاد لايزالون نائمين.. تمالك نفسه ووقف وحمل عصا في يده وبدأ يخطو وما إن وضع قدمه في خطوة نحو المجهول حتى سقط في حفرة. ظن الفرسيوي أن هذه هي نهايته.. ثوان مرت.. فتح عينيه وأحس بألم في كتفه لقد أصيب بجروح خفيفة فقط.. وما إن رفع رأسه حتى تفاجأ من هول الصدمة، وبدأ يردد : أين أنا ؟ كيف وصلت إلى هنا؟ ماهذا المكان؟ وجد نفسه في عالم لم يتخيل قط أنه موجود، كأن كل القصص و الخرفات والأساطير التي تحكيها الجدات أصبحت حقيقية، جبال و تلال و أنهار لم ير مثلها من قبل. التراب في هذا المكان لونه غريب.. في لحظة يبدو ذهبيا و في لحضة أخرى يبدو أزرق.
الغريب أن لهذا المكان شمسا ليست كشمس عالمنا، قريبة جدا من الأرض، لكن رغم ذلك لا تحس بالحرارة، وهناك ثلاثة عشر قمرا كل قمر في جهة مختلفة ، التفت يمينا ليجد أمامه كل مخلوق ظن البشر أنه انقرض، بل توجد مخلوقات قرأ عنها البشر في الكتب فقط و تحكى عنها الأساطير ، تنانين و عنقاء و أحصنه بأجنحة وقرن يتوسط جبهتها. وبينما كان يسير في المكان، رأى نهرا عجيبا، فلونه كان ورديا براقا ، ويختلف عن الماء الشفاف في عالمنا ، تبع النهر حتى وصل إلى منبعه، وآندهش مما وجد ، وجد منازل متراصة ولكنها كلها مبنية على شكل هرم وفوق كل هرم هنالك شكل مرسوم يبدو كالعين وهي بحروف غريبة وأشكال جميلة ، فجأة رأى مخلوقا غريبا يخرج من أحد المنازل ، يشبه الآدميين قليلا في الشكل، لكنه أطول وله جناحان يملأهما الريش يبرزان من فوق كتفيه العريضين ،و يركب شيأ غريبا يرتفع عن الأرض ، عندها أيقن الفرسيوي أنه الآن في عالم مختلف عن عالمنا ، آقترب منه الكائن فقد لمحه بسرعة ، تجمد جسد الفرسيوي خوفا ،تحدت معه الكائن لغة غير مفهومة وتبدو عليه من شكله و حركاته ملامح الغضب ، ثم بعد ثوان حاوره الكائن بلغة مفهومة سأله من أنت ؟ ومن جاء بك ؟ حكى له الفرسيوي قصته ، قام الكائن بردة فعل غريبة ، كأنه يضحك، ثم قال :
نحن كائنات جئنا من مكان أخر في السماء نحن أول حضارة أتت من الفضاء و آستقرت بكوكب أخر في مجرتكم ثم بعد ذالك آستمررنا بالترحال من كوكب لكوكب وقررنا أن نبقى في كوكبكم هذا قبل 50 ألف سنة ونحن الآن في جوف كوكب الأرض الداخلي أي داخل الكرة الأرضية ، قال له تعال، ثم أخده وأدخله لهرم رخامي أبوابه ونوافذه مرصعة بالألماس وهو مطلي بالذهب ، دخل الكائن والفرسيوي وراءه يتبعه بخطوات متثاقلة بعد ذالك دخلا إلى ردهة واسعة فيها تماثيل وأثار وهياكل لمخلوقات مختلفة ووجه الكائن نظره لنقوشات على الجدار الشرقي للغرفة ثم بدأ يشرح له :
لقد جاءت الكائنات الفضائية إلى كوكبكم منذ زمن بعيد جدا. وأول تفاعل لها مع سكانه كان مع الحضارة السومرية في بلاد ما بين النهرين،والحضارتين الفرعونية والأمازيغية، بل إن نائب ملك من ملوك الإنس وإسمه داثان وهو معروف بالسامري قد حضر مع هذه المخلوقات، وعاش هنا فترة ثم آختفى، لكن سبب قدومهم لجوف الأرض (أي الكائنات وداثان) هو أنهم آكتشفوا أن البشر أشرار بطبعهم و الطمع يعمي أعينهم و الشهوات تسيطر على قلوبهم لذلك قرروا اللجوء لجوف الأرض و الابتعاد عن البشر، ثم قال: بما أنك أول بشري نراه منذ فترة لذالك سنعطيك قدر ما تريد من مجوهرات و ذهب.
ملأت الفرحة قلب الفرسيوي بهذا، وبعد خمس ثوان إستيقظ الفرسيوي على صوت وصياح الأطفال ما هذا إنه مجرد حلم! ياإلهي هل كل هذا عبارة عن أضغاث أحلام؟ أمر الأطفال بالاستعداد للرحيل، وتمنى لو أنه لم يستيقظ من حلمه الجميل وقلبه مملوء حزنا. رفع رأسه عن الصخرة ليجدها قد تحولت إلى ذهب.. قرص نفسه ليتأكد أنه لا يحلم مرة أخرى..بعد أن تأكد أنه لا يحلم آمتلأ قلبه بهجة و فرحا فهذه ستكون نهاية أحزانه و بداية تحقيق أحلامه . عاد هو و الأطفال لكي يحقق أحلامه بقريته، ويعيد أرضه خصبة كما كانت في السابق، وينهي الثأر ويعيش حياة سعيدة هو وعائلته .
من إنجاز التلميذ : هشام الرغيوي - 3/1