إنجاز متميز في مهارة تخيل حكاية عجيبة (3)
نص الموضوع :
جاء في نهاية نص "رحلة الفرسيوي" قول السارد: "وقد خضته تجربة المدينة الأولى وملأته فجأة برغبة في الجلوس على صخرة الجماعة وتقديم حكايته للجالسين".تخيل أن الفرسيوي صادف في طريق عودته إلى الريف كائنا خرافيا.. اكتب حكايته مع هذا الكائن مستثمرا ما درسته في مهارة تخيل حكاية عجيبة أو من الخيال العلمي.
-------------------------------------------
نموذج متميز:
بعد خروج الفرسيوى من المدينة متجها إلى الريف، ابتسمت له الطريق حقولا و قرى عديدة . في رحلته القاسية تاه في إحدى الغابات وسط الأشجار كأنه نجم صغير في مجرة كبيرة لا نهاية لها . أحس الفرسيوى بالتعب الشديد، فنزل من حماره وربطه إلى غصن شجرة و جلس يستظل بظلها ليأخذ قسطا من الراحة، لكن التعب نال منه فاستسلم وغاص في نوم عميق.
عندما استيقظ كان الظلام يعم المكان، و كانت الرياح تزمرج بصوت مخيف فتملكه إحساس بالرعب. و بعد هنيهة اعترض سبيله ضوء ساطع لا يعلم من أين أتى. ازداد فضول الفرسيوى، و ملأته فجأة رغبة في أن يكتشف مصدر هذا الضوء اللامع. كان ضوء قويا جدا، لايسمح برؤية أي شيء ، و كلما اقترب منه نقص لمعانه وخف توهجه . فتح الفرسيوى عينيه فإذا بكل شيء تغير : الحقول ، الأشجار ، الجبال ،.... كل شيء ماعدا حماره الأشهب.
بدا الفرسيوي كأنه دخل في ثقب دودي حمله إلى مكان غريب. انهالت عليه سيول من الأسئلة، وراح يردد : أين أنا؟ ماهذا المكان؟ هل أنا في حلم أم حقيقة؟... إلتفت خلفه فرأى مخلوقا عجيبا ينظر إليه.. كان قصير القامة ببشرة خضراء كلون الزرع. وعندما دقق النظر، تراءت له العديد من الكائنات التي تشبه هذا الكائن في الشكل والحجم لدرجة يصعب التمييز بينها، وكانت ملامحها شبيهة جدا بالملامح الآسيوية.
تقدم الفرسيوى إلى أحد هذه المخلوقات فتفوه بكلمات غريبة لم تكن تنتمي إلى أي لغة، ولم يفقه منها الفرسيوي شيئا. ثم تحدث بعد ذلك قائلا :أيها البشري الغبي كيف أمكنك الوصول إلى عالمنا؟ هذا هو حالكم دائما أيها البشر تخلقون المشاكل ، ولا تستطيعون حلها!
زاد ارتباك الفرسيوى عندما نطق ذلك المخلوق بلغته، ثم واصل كلامه : ربما تتساءل الآن : من نحن، أليس كذلك؟ هيا معي، سآخذك إلى ملكنا، وستعرف منه كل شيء. أحس الفرسيوى ببعض الإرتياح لأنهم مسالمون لايريدون أذيته ،وتبع الكائن بخطوات حذرة، ودخلا إلى مكان أكتر غرابة بوسائله العلمية المتطورة التي لم يصل إليها البشر، و في زاوية منه يتربع كائن غريب على كرسي متحرك تحيط به هالة من الضوء.. ولما رآهما خاطب الفرسيوي قائلا : مرحبا بك أيها البشري في كوكبنا "زرتا" الذي يبعده عن كوكبكم الجميل ب 120 سنة ضوئية. أنت محظوظ لأنك معنا الآن. إن تميزكم في الكون و تفوقكم على سائر المخلوقات زاد من تكبركم وشركم، الأمر الذي دفعكم إلى إنكار وجودنا، وعدم الاعتراف بنا. بداية نطمئنكم أننا لا نريد بكم شرا، فكوكبكم أصغر من أن يعني لنا شيئا..مجرد نقطة تافهة تدور حول نجم عاد يقع في مكان ناء في واحدة من بين أكثر من مئة بليون مجرة. أجاب الفرسيوي بغضب: - نعم أعترف أنكم متقدمون علينا إلى حد كبير.. لكن هذا لا يسوغ لك أن تنتقص من قيمتنا أيها المخلوق! أجابه: أعتذر أيها البشري، في كلتا الحالتين تشدنا نحوكم عاطفة غريبة، ونعترف أن لا سبب لها غير الافتتان بالأزرق الباهت يدور حول نفسه بهدوء وسلام و خشوع.. لكن أنتم تدمرون كل جميل بأشد الأساليب بطشا. من عصفور صغير ينشد الحرية، إلى سمكة تراقص في عرس دائم ماء الحياة، حتى الدواب السارحة بسلام في الطبيعة لم تسلم من إعتداءاتكم. فماذا بعد؟ لقد كتبتم كتابا قاتما بصفحات متوحشة سوداء. وحكامكم دائما يتهافتون نحو السلطة .. إنها منزلة صعبة رغم ذلك أنتم متعطشون للحكم ،هذا من دون تذكيركم بالحروب الهمجية الكثيرة التي تملأ كتب تاريخكم .كم أنتم مثيرون للشفقة، تخترعون وتموتون في سبيل ما سيعيد إنتاج موتكم مرارا و تكرارا!!! لا تغيروان فاصلة صغيرة، و تعاندون كطفل صغير يتسلق بعناد كرسيا عاليا. مع ذلك نحن لا نبخس إنجازاتكم العظيمة.
تأثر الفرسيوي فعلا بكلمات هذا المخلوق و ذكائه. ووقف في مكانه واجما عاجزا عن الكلام... فجأة لفت انتباهه مرة أخرى ذلك الضوء الساطع الذي حمله إلى هذا الكوكب..وعرف أن وقت الرجوع إلى الأرض قد حان..قام بتوديع سكان ذلك الكوكب و أعطاهم حماره الأشهب هدية وعربون محبة نيابة عن البشر، ثم حمله الضوء الساطع ليلقيه في قريته.
فرحت زوجته كثيرا لعودته بعد مدة طويلة من الغياب. وأصبح الفرسيوى من أعظم الناس في التاريخ، اكتشف لقاحا ضد الأمراض المستعصية كلها، وقضى على الأمية في جميع أنحاء العالم و نشر السعادة، وأعطى حلولا للمعادلات الكوانتية المعقدة، و ساعد كوكب الأرض على التقدم ، و كتب التاريخ إسمه بكلمات عريضة. وأخيرا أراد أن يحقق آخر أمنياته و هي الجلوس على صخرة الجماعة و تقديم حكايته للجاليسن.
من إنجاز التلميذ: محمد زنين - 3/1