ذكريات لا تبلى!
1- لا تغيب عن ذاكرتي صورة أول يوم دخلت فيه إلى المدرسة، كما أنني لازلت أحتفظ بذكرى المرحلة الأولية التي تعلمت فيها قراءة الحروف وكتابتها، ولكن الذي اذكره بوضوح هو استمتاعي دائما بمحاولة قراءة اي شيء مكتوب وقع عليه بصري.
2- في المدرسة تمكنت من العثور على بعض أجزاء من نفسي الضائعة. فقد أثبتُّ هناك وجودي. أحبتني معلماتي وأحببتهن وكان منهن من يؤثرنني بالتفات خاص. أذكر كيف كان يشتد خفقان قلبي كلما تحدثت معي معلمتي المفضلة، والتي أحببتها كما لم أحبَّ واحدة من أهلي في تلك الأيام. كانت جميلة وجهاً وقواماً، وكانت أنيقة شديدة الجاذبية.
3- كنت أرنو بشغف كبير وهي تشرح الدرس وتفسر لنا معنى قطعة القراءة أو حين كانت تتلو علينا قطعة الإملاء فقد كنت أكتب الفقرة ثم أرفع بصري في انتظار الفقرة التالية مسرورة بالنظر إلى وجهها. وكانت تقف أمام مقعدي الدراسي في الصف الأول الذي كان مخصصا لأصغر تلميذات الصف سنا وقامة، وحين كانت تضع أصابع يدها على طرف مكتبي كنت أحس برغبة في لثمها، فإذا انحنت نحوي لتنظر في دفتري اخترقت أحاسيسي رائحة عطر خفيفة كانت تنبعث دائما منها وأتمنى لو بقيت بجانبي إلى الأبد.
4 - فجأة انقطعت عن المجيء الى المدرسة، فقد مرضت المعلمة المحبوبة. طال مرضها وطال غيابها، وعرفت الوحشة، وذقت مرارة غياب الأحباب وثقل الانتظار.
كانت تقطن مع عائلتها في بيت بعيد، وذهبت إليها برفقة بعض زميلاتي لعيادتها. دخلنا البيت الصامت بتهيب ونحن نكتم انفسنا. وفي غرفتها تربعنا على مقعد أرضي أمام سريرها. أخذت تمسح وجوهنا بعينيها الواهنتين وجها وجها، وحين صافحت عيناها وجهي ابتسمت لي. شعرت بقلبي يذوب حزنا. كنت منذ دخلنا أغالب غصه البكاء في حلقي، أما الآن فقد غُلبت على أمري، وأسرعت فواريت وجهي خلف زميلتي ورحت أبكي بصمت.
بعد أن تماثلت معلمتي للشفاء، وعادت إلى المدرسة عادت معها الابتسامة لوجهي.
* التعريف بالكاتبة: [فدوى طوقان]
أولاً: ملاحظة النص واستكشافه:
ثانياً: فهم النص:
ثالثاً: تحليل النص:
الشخصيات | أوصافها |
الساردة | - تحب معلمتها - أثبتت وجودها في المدرسة - حزينة لمرض معلمتها - فرحة لشفائها... |
المعلمة | جميلة وجهاً وقواماً - أنيقة شديدة الجاذبية - مريضة... |