-->

الحاسوب

إن ذاكرة الإنسان - مهما كانت قوتها - محدودة النطاق، وقدرتها على الاستيعاب والاختزان تقف عند حدود لا تتعداها. ومن هنا فإن العقول ((الإلكترونية)) تسدي إلى العلم خدمة كبرى؛ إذ تقدم إلى الإنسان ((ذاكرة صناعية)) تستوعب من المعلومات ما لا تستوعبه  ألوف العقول البشرية مجتمعة، وتقدمها إلى الباحث كلما احتاج إليها في ثوان معدودات، مع ترتيبها وتصنيفها بحيث لا تقدم منه إلا ما يتعلق بالموضوع الذي تريد بحثه.
النص القرائي الحاسوب من كتاب مرشدي في اللغة العربية

والعامل الذي جعل من الضروري الاستعانة بمثل هذه ((الذاكرة الصناعية)) ، هو ذلك التضخم  الهائل في كمية المعلومات التي أصبح من الضروري استيعابها في العصر الحاضر. فعصرنا هذا ليس فقط عصر (( الإنفجارالسكاني ))، بل هو أيضا عصر (( الإنفجار المعرفي )) أو (( انفجار المعلومات )) كما يسميه الكثيرون ، وكمية المعلومات التي تتراكم ، تتزايد بمعدّل تتضاعف سرعته على الدوام، وبدرجة يعجز عن استيعابها أي عقل بشري، حتى لو اقتصر على مجال ضيق من ميادين التخصص. ويرى الباحثون أن كمية المعلومات المتوفرة تتضاعف في العصر الحاضر ، وفي فترة تتراوح بين عشر سنوات وخمس عشرة سنة، وستظل هذه الفترة تتناقص بالتدرج  كلما زاد التقدم العلمي. وقد أصبح عدد الكتب  والمجلات العلمية التي يفترض في المتخصص أن يكون قد اطلع عليها من الضخامة، بحيث يعترف الجميع بأن الوسائل التقليدية، كالقراءة الدائمة، لا تكفي إلا لاستيعاب قدر ضئيل جدا منها، فضلا عن الصعوبات التي يواجهها الباحث في تحديد أماكن البحث التي تهمه في ميدانه الخاص. كل هذه العمليات يؤديها بدلا منا (( العقل الإلكتروني )) ، ويقدم المعلومات المطلوبة دون غيرها، بكفاءة ودقة بالغتين، فيعفي العالِمَ من مواجهة تلك التلال الهائلة من الأبحاث التي كان يتعين عليه فيما مضى أن يبحث بينها عمَّا يريد، ويضمنَ له بذلك ألا يضيع وقته سدىً، وألا يكرر بحثا سبق أن قام به غيره في مكان ما.
إذن فالعقول ((الإلكترونية)) لا (( تكرر)) العمليات التي يقوم بها العقل البشري، بل ((تكملها))، وذلك عن طريق توسيع نطاق القدرات الموجودة بالفعل في عقولنا، وعن طريق إعطاء هذه العقول قدرات جديدة . ومهما ارتقت هذه العقول الصناعية، فستظل على الدوام أدوات يستخدمهاالإنسان، ولن تكون نسخة مكررة منه.
فؤاد زكرياء. خطاب إلى العقل العربي. كتاب العربي، العدد 17

* التعريف بالكاتب:

مراحل من حياته
مؤلفاته
- ولد فؤاد زكريا في بور سعيد بمصر سنة 1927
- تخرج من قسم الفلسفة بكلية الآداب - جامعة القاهرة عام 1949م
- حصل على الماجستير عام 1952م ، والدكتوراه في الفلسفة عام 1956م
-  عمل أستاذا جامعيا في قسم الفلسفة كل من جامعة عين شمس وجامعة الكويت.
- عمل رئيس تحرير لمجلة (( الفكر المعاصر )) ومجلة (( تراث الإنسانية))
- عمل مستشارا لشؤون الثقافة والعلوم الإنسانية في اللجنة الوطنية لليونسكو بالقاهرة.
- تولى منصب تحرير سلسلة عالم المعرفة  الكويتية.

-  نيتشه (1956)
- نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان (1962)
اسبينوزا
الإنسان والحضارة
التعبير الموسيقي
مشكلات الفكر والثقافة
- دراسة لجمهورية أفلاطون
التفكير العلمي (1978)
خطاب إلى العقل العربي (1978)
الصحوة الإسلامية في ميزان العقل (1987)


* ملاحظة النص واستكشافه:

1- العنوان: عنوان مفرد يتكون من كلمة واحدة هي ((الحاسوب)) وتدل على ذلك الجهاز الإلكتروني الالمذي يجمع يجمع المعلومات ويعالجها  وينظمها بشكل يسهل الاستفادة منها عند الحاجة.
2- بداية النص : تشير إلى تفوق العقل الإلكتروني على العقل البشري.
3- نهاية النص: يعيد فيها الكاتب الاعتبار للإنسان الذي لن تستطيع العقول الإلكترونية أن تعوض عقله أو تكون نسخة مررة عنه.

* فهم النص:

1- الإيضاح اللغوي:

- تتراكم: تتجمع و يتكدس بعضها فوق بعض
- بكفاءة : بقدرة وفعالية
- ارتقت: علت وارتفعت

2- الفكرة المحورية:

تفوق الحاسوب على العقل البشري بما يتميز به من قدرات على استيعاب المعلومات وتخزينها ومعالجتها مهما كان حجمها.

* تحليل النص:

1-  الأفكار الأساسية:

أ- محدودية العقل البشري وعجزه أمام العقل الإلكتروني الذي يسدي للإنسان خدمة عظيمة.
ب- أصبحت حاجة الإنسان ملحة إلى استخدام هذا العقل الإلكتروني لسببين :
        أولهما يكمن في تراكم المعلومات وعجز الإنسان عن استيعابها
        ثانيهما يكمن في قدرات هذا العقل الإلكتروني على تنظيم هذه المعلومات ومعالجتها بدقة متناهية.
ج- مكانة العقل البشري وأهميته وسط العقول الصناعية.

2- الحقول الدلالية

الحقل المعجمي المرتبط بالحاسوب
الحقل المعجمي المرتبط بالإنسان
- العقول الإلكترونية - الذاكرة الصناعية - المعلومات - أدوات.ذاكرة الإنسان - العقول البشرية - الباحث - عقل بشري - المتخصص...


* التركيب والتقويم:

- يمكن تلخيص ما ورد في النص من أفكار في الجدول التالي:
المشكلةالسبب الحل
 - قصور العقل البشري ومحدوديته أمام العقل الإلكتروني  - الكم الهائل من المعلومات والمعارف المتراكمة وعدم قدرة الإنسان على استيعابها جميعها الاستعانة بالعقول الإلكترونية  لمواكبة تضخم المعلومات
- يتضمن النص قيمة حضارية تتمثل في التطور الذي حققه الإنسان في العصر الحديث وتَوَّجَه باختراع عقول إلكترونية خففت عنه عبء تخزين المعلومات المتراكمة ومواكبتها.