-->

شكولاطة

اشتريتُ لوحَ ((الشكولاطة)) وأخذت الصرفَ، وضعتُ الصّرف في جيب السروال ولوحَ الشكولاطة في جيب السُّترة وانحدرتُ إلى شارع محمد الخامس لآخذ سيارة ((الأجره الكبيرة)) إلى الحي.

كان ينبغي ان أبقى على الرصيف الأيمن حتى الضوءِ ثم أقطع مَعْبَر المشاة للانعطاف إلى اليسار، ولكنني بادرت بالانتقال إلى الرصيف الأيسر مباشرة مُعَرِّضا نفسي - كالعادة - للاصطدام بالسيارات العابرة.

مسألة أعصاب غالبا - حين يكون علي أن أقوم بعمل ما فإنني أحاول إنجازه بسرعة - [...] أعصاب غالبا أو نقطة من نقاط ضعفي الكثيرة والمتزايدة. غير أن الشكولاطة هي نقطه ضعفي الكبرى، ولا شك لرجل مثلي في سن الأربعين متزوج وله ثلاثه أبناء، أكبرهم في الخامسة عشرة أن يشتريَ شكولاطة ويحتفيَ بها ويقضمها ومع ذلك، فقد اشتريت شكولاطة، وحين أنزل من سيارة الأجرة، سيكون الناس أقل في الشارع، وسيتاح لي أن اقضمها بحرية…

كلب… أغبرو أشهب ضامر البطن، وقوائمه تقلقل هيكله الهزيل وهي ترتفع وتقع كأنما يمارس رياضة، أنفه في الأرض وعيناه - لابد - حمراوان. لا أستطيع تخيل كلب له عينان غير حمراوين، لا أدري لماذا؟ [...] لقد كنت - لا أزال - أعاني عقدة من الكلاب. الحل الأفضل هو أن أنتقل إلى الرصيف الآخر حتى يترك لي الكلب المرور في سلام. [...]

حين وصلت إلى شارع محمد الخامس أمام ((السوق المركزي)) كانت سيارة الأجرة على أهبه الإقلاع نبهني ((السائق))، فأشرت برأسي أي نعم، وانحشرت بين الركاب: أسرة كثيرة الضجيج والصخب والحركة. الأب والأم - لا بد أنهما الأب والأم - اثنان. أما الأطفال فلم أستطع عدَّهم. كلهم صغار بين رضيعٍ لا يكُفُّ عن الصياح وأطفال السنتين والأربع أو الخمس سنوات… عدة أطفال. وأنا قابع في هامشي الضيق. أحاول إغماض أذنيَّ بفتح عينيَّ على الأشجار. السيارات… محطة القطار… إلى الوراء… شكولاطة… شكولاطة… وانتبهتُ فزعاً فرأيت لوح الشوكولاطة بغلافه الذهبي تتخاطفه الأيدي الصغيرة النشطة…
الأب والأم مشغولان بالرضيع، السائق بالطريق، الأطفال يُمَزِّقون الغلاف، ويتناهبون الشكولاط بأسنانهم الحادة في تحفز حيوانيّ، وأنا أغمض عينيَّ وألقي برأسي إلى الوراء كالمستسلم.

نزلت من السياره في المحطة الأخيرة، وتابعتُ طريقي المظلمَ والخَالي نحو البيت… فوجدتُ نفسي في ساحة ضيقة لا أعرفها، تحيط بها العماراتُ من كل الجهات.

أحمد بوزفور ((صياد النعام)) قصص (بتصرف) منشورات نجمة - يناير 1993 - ص 73 - 77.
شكولاطة

أولا: ألا حظ وأفهم:

 1- العنوان: كلمة واحدة مفردة مؤنثة (عنوان مفرد)

2-  علاقة العنوان بنهاية النص: ينسجم العنوان مع نهاية النص لأنها تشتمل على عبارات مسطر تحتها تشير إلى مصير لوح الشكولاطة (... تتخاطفه الأيدي...) واستسلام السارد.

3- الصورة: تعبر عن ظاهرة سكانية تتمثل في ازدحام المدن واكتظاظها بوسائل النقل.

4- نوعية النص: نص سردي ذو بعد سكاني

5- الإيضاح اللغوي:

بادرت: أسرعت 

ضامر: هزيل ، نحيف، قليل اللحم

تقلقل: تحرك ، تهز

6- أحداث النص:

- البداية: شراء الشكولاطة ووضعها في الجيب.

- الوسط: البحث عن فرصة مناسبة لأكل الشكولاطة بعيدا عن أنظار الناس.

- النهاية: استسلام السارد بعدما أكل الأطفال الشكولاطة.

ثانيا: أرصد وأحلل:

1- شخصيات النص:

الساردالأب والأمالأطفالالسائق
في سن الأربعين - متزوج وله ثلاثة أبناء - له عقدة من الكلابمشغولان بالرضيععددهم كثير - الرضيع لا يكف عن الصياح - الآخرون بين السنتين والأربع سنوات - يتناهبون الشكولاطة...مشغول بالطريق

2- الزمان والمكان:

الزمانالمكان
الزمن العام: الماضي
الزمن الخاص: غير محدد في النص
المكان العام: المدينة
المكان الخاص: شارع محمد الخامس - الرصيف - أمام السوق المركزي - المحطة الأخيرة - الطريق المظلم الخالي - البيت ساحة ضيقة.

3- الرؤية السردية:

الرؤية مع ===>>   السارد = الشخصية الرئيسية

4-  قيمة النص:

التوعية بمشاكل المدينة (الاكتظاظ والازدحام، الكثافة السكانية، الضوضاء، الإزعاج، انعدام الطمأنينة).